عدي بن حاتم أن خطيباً خطب عند النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: من يطع الله تعالى ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى. فقال له - صلَّى الله عليه وسلم -: بئس الخطيب أنت، قل: من يعص الله تعالى ورسوله فقد غوى، فمحمول على ما قال النووي من أسباب الإنكار عليه أن الخطبة شأنها البسط والايضاح واجتناب الإشارات والرموز. قال: ولهذا ثبت أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً لتفهم عنه، قال: ثني الضمير في مثل قوله: "أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما" لأنه ليس خطبة وعظ وإنما هو تعليم حكم، فكل ما قل لفظه كان أقرب إلى حفظه، بخلاف خطبة الوعظ فإنه ليس المراد حفظها وإنما يراد الاتعاظ بها، ولكنه يرد عليه أنه قد وقع الجمع بين الضميرين منه - صلَّى الله عليه وسلم - في حديث الباب وهو وارد في الخطبة لا في تعليم الأحكام. وقال القاضي عياض وجماعة من العلماء: إن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إنما أنكر على الخطيب تشريكه في الضمير المقتضي للتسوية وأمره بالعطف تعظيماً لله تعالى بتقديم اسمه كما قال - صلَّى الله عليه وسلم - في الحديث الآخر: "لا يقل أحدكم: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن ليقل: ما شاء الله ثم ما شاء فلان" ويرد على هذا ما قدمنا من جمعه - صلَّى الله عليه وسلم - بين ضمير الله وضميره، ويمكن أن يقال: إن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إنما أنكر على ذلك الخطيب التشريك لأنه فهم منه اعتقاد التسوية فنبهه على خلاف معتقده وأمره بتقديم اسم الله تعالى على اسم رسوله يعلم بذلك فساد ما اعتقده. (١) رجاله ثقات لكنه مرسل. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن وهب: هو عبد الله. وهو في "المراسيل" لأبي داود (٥٧). وأخرجه أيضاً في "المراسيل" (٥٦) عن قتيبة بن سعيد، عن الليث - وهو ابن سعد - عن عُقيل - وهو ابن خالد الأيلي - عن الزهري.