وعروةَ بنَ الزبير، فقد رويا عن عائشة أنه - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى الكسوف أربعة ركوعات بأربع سجدات في ركعتين. وروايتهما عند مسلم (٩٠١) و (٩٠٣) وبذلك أعله ابن عبد البر في"التمهيد" ٣/ ٣٠٧، وكذلك ابن القيم في "زاد المعاد" ١/ ٤٥٣ وأعله ابن عبد البر أيضاً بعلة أخرى، وهي الاختلاف في رفعه ووقفه من طريق عبيد بن عمير على عائشة، بأن أبا داود الطيالسي قد رواه عن هشام الدستوائي عن قتادة، عن عطاء، عن عُبيد بن عمير عن عائشة قالت: صلاة الآيات ست ركعات وأربع سجدات، من قولها. وأعله الشافعي فيما نقله عنه البيهقي ٣/ ٣٢٨ بالانقطاع أيضاً، وقال البيهقي معلقاً: إنما أراد الشافعي بالمنقطع حديث عُبيد بن عُمير حيث قاله عن عائشة بالتوهم، ونقله عن البيهقي ابنُ القيم في "الزاد" ١/ ٤٥٣ ووافقه عليه، قائلاً: فعطاء إنما أسنده عن عائشة بالظن والحُسبان، لا باليقين. قلنا: لكن جاء عند مسلم بإثر (٩٠٢) من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن عائشة من غير ظن، وهو أيضاً معلٌ بالاختلاف على قتادة في رفعه ووقفه كما بينه ابن عبد البر، وأعله ابن عبد البر أيضاً بأن سماع قتادة من عطاء غير صحيح عندهم. قلنا: ولم يصرح بسماعه منه في هذا الخبر. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية مضعفاً جميع الروايات التي تشير إلى صلاة الكسوف بهذه الهيئة في "مجموع الفتاوى" ١٨/ ٧٣: وأما مسلم ففيه ألفاظ عرف أنها غلط ... وذكر منها: وأن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى الكسوف بثلاث ركعات في كل ركعة، والصواب أنه لم يصل الكسوف إلا مرة واحدة. ومن أجل ذلك كله قال الحافظ في "الفتح" ٢/ ٥٣٢ بعد أن ذكر الروايات التي فيها زيادة على الركوعين في كل ركعة - ومنها خبر عائشة هذا -: ولا يخلو إسناد منها من علة، وقد أوضح ذلك البيهقي وابن عبد البر. ونقل الترمذي في "علله الكبير" ١/ ٢٩٩ عن البخاري قوله: أصح الروايات عندي في صلاة الكسوف أربع ركعات في أربع سجدات وأخرجه مسلم بإثر (٩٠٢) من طريق ابن جريج، بهذا الإسناد. =