للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يحترق، ولم تصبه حرارة النار، بل كانت برداً، حتى إن بعض العلماء ذكر أن الله عز وجل لو قال: برداً على إبراهيم، ولم يقل: (سلاماً) لأهلكته ببردها، لكن الله عز وجل قال: (كُونِي بَرْداً وَسَلاماً) وهذا السبب المحرق الذي يعلم الجميع أنه محرق صار غير محرق، إذن فهل الأسباب مؤثرة بذاتها، أم بما أودع الله فيها من القوى؟

والجواب: أن نقول: الثاني بلا شك.

فما بال البعض يعتمد على غير الله، وعلى هذا لا يجوز الاعتماد على غير الله عز وجل؛ إلا باعتقاد أنه سبب فقط، قد يتخلف مسببه؛ لأن السبب قد يوجد فيه مانع.

المثال الثاني: ما وقع في جيش النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أعظم جيش وأفضل جيش وأحق جيش بالنصر، ولكن لما اعتمدوا على كثرتهم وقع الخذلان، قال الله تعالى: (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) (١) .

وكان عدد جيش النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين اثني عشر ألفاً، وكان عدوهم ثلاثة آلاف وخمس مئة. ولهذا قال بعض الصحابة رضوان الله عليهم: "لن نغلب اليوم من قلة" (٢) .


(١) سورة التوبة، الآية: ٢٥.
(٢) رواه أحمد برقم (٢٥٨٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>