للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العقل يوجبه فإنه يلزمهم في هذا المعنى نظير ما يلزمهم في المعنى الذي نفوه مع ارتكابهم تحريف الكتاب والسنة.

مثال ذلك: إذا قالوا: المراد بيدي الله عز وجل: القوة دون حقيقة اليد لأن إثبات حقيقة اليد يستلزم التشبيه بالمخلوق الذي له يد.

فنقول لهم: يلزمكم في إثبات القوة نظير ما يلزمكم في إثبات اليد الحقيقية، لأن للمخلوق قوة فإثبات القوة لله تعالى يستلزم التشبيه على قاعدتكم.

ومثال آخر: إذا قالوا: المراد بمحبة الله تعالى إرادة ثواب المحبوب أو الثواب نفسه دون حقيقة المحبة، لأن إثبات حقيقة المحبة يستلزم التشبيه.

فنقول لهم: إذا فسرتم المحبة بالإرادة لزمكم في إثبات الإرادة نظير ما يلزمكم في إثبات المحبة، لأن للمخلوق إرادة فإثبات الإرادة لله تعالى يستلزم التشبيه على قاعدتكم، وإذا فسرتموها بالثواب، فالثواب مخلوق مفعول لا يقوم إلا بخالق فاعل، والفاعل لا بد له من إرادة الفعل وإثبات الإرادة مستلزم للتشبيه على قاعدتكم.

ثم نقول: إثباتكم إرادة الثواب، أو الثواب نفسه مستلزم لمحبة العمل المثاب عليه، ولولا محبة العمل ما أثيب فاعله فصار تأويلكم مستلزما لما نفيتم فإن أثبتموه على الوجه المماثل للمخلوق ففي التمثيل وقعتم، وإن أثبتموه على الوجه المختص بالله واللائق به أصبتم ولزمكم إثبات جميع الصفات على هذا الوجه.

الخامس: أن قولهم فيما نفوه: " إن إثباته يستلزم التشبيه" ممنوع لأن الاشتراك في الأسماء والصفات، لا يستلزم تماثل المسميات والموصوفات كما تقرر سابقا، ثم إنه منقوض بما أثبتوه من صفات الله، فإنهم يثبتون لله تعالى الحياة، والعلم، والقدرة، والإرادة، والكلام، والسمع، والبصر،

<<  <  ج: ص:  >  >>