الأصل الثاني: أن يقال لمن يقر بذات الله تعالى ويمثل في صفاته أو ينفيها:
" القول في الصفات كالقول في الذات ".
يعني أن من أثبت لله تعالى ذاتا لا تماثل ذوات المخلوقين لزمه أن يثبت له صفات لا تماثل صفات المخلوقين، لأن القول في الصفات كالقول في الذات، وهذا الأصل يخاطب به أهل التمثيل، وأهل التعطيل من المعتزلة ونحوهم.
فيقال لأهل التمثيل: ألستم تثبتون لله ذاتا بلا تمثيل فأثبتوا له صفات بلا تمثيل.
ويقال لأهل التعطيل من المعتزلة ونحوهم: ألستم تقولون بوجود ذات لا تشبه الذوات فكذلك قولوا بصفات لا تشبه الصفات.
مثال ذلك: إذا قال: إن الله استوى على العرش فكيف استواؤه؟
فيقال له: القول في الصفات كالقول في الذات فأخبرنا كيف ذاته؟
فإن قال: لا أعلم كيفية ذاته.
قيل له: ونحن لا نعلم كيفية استوائه.
وحينئذ يلزمه أن يقر باستواء حقيقي غير مماثل لاستواء المخلوقين ولا معلوم الكيفية، كما أقر بذات حقيقية غير مماثلة لذوات المخلوقين ولا معلومة الكيفية، كما قال مالك وشيخه ربيعة وغيرهما في الاستواء:" الاستواء معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة ". (١)
فقوله:" الاستواء معلوم " أي معلوم المعنى في اللغة العربية التي نزل بها القرآن وله معان بحسب إطلاقه وتقييده بالحرف فإذا قيد بـ (على) كان
(١) نقله المؤلف رحمه الله بالمعنى. والمحفوظ من لفظهما: (الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول) . والخطب في ذلك سهل.