معناه العلو والاستقرار كما قال تعالى {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ} . وقال:{لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ} . فاستواء الله تعالى على عرشه علوه عليه علوا خاصا يليق به، على كيفية لا نعلمها، وليس هو العلو المطلق على سائر المخلوقات.
وقوله:" والكيف مجهول " أي أن كيفية استواء الله على عرشه مجهولة لنا وذلك لوجوه ثلاثة:
الأول: أن الله أخبرنا أنه استوى على عرشه ولم يخبرنا كيف استوى.
الثاني: أن العلم بكيفية الصفة فرع عن العلم بكيفية الموصوف وهو الذات، فإذا كنا لا نعلم كيفية ذات الله فكذلك لا نعلم كيفية صفاته.
الثالث: أن الشيء لا تعلم كيفيته إلا بمشاهدته، أو مشاهدة نظيره أو الخبر الصادق عنه، وكل ذلك منتفٍ في استواء الله عز وجل على عرشه وهذا يدل على أن السلف يثبتون للاستواء كيفية لكنها مجهولة لنا.
وقوله:" والإيمان به واجب" أي أن الإيمان بالاستواء على هذا الوجه واجب، لأن الله تعالى أخبر به عن نفسه، وهو أعلم بنفسه، وأصدق قولا وأحسن حديثا، فاجتمع في خبره كمال العلم، وكمال الصدق، وكمال الإرادة وكمال الفصاحة والبيان فوجب قبوله والإيمان به.
وقوله:" والسؤال عنه " أي عن كيفيته بدعة؛ لأن السؤال عنها لم يعرف في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا خلفائه الراشدين، وهو من الأمور الدينية فكان إيراده بدعة، ولأن السؤال عن مثل ذلك من سمات أهل البدع، ثم