للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعمل بمقتضاها، إذ لا يمكن العمل بها بدون فهم معناها، فكذلك نحن مأمورون بتدبر آيات الأخبار لفهم معناها، واعتقاد مقتضاها، والثناء على الله تعالى بها، إذ لا يمكن اعتقاد ما لم نفهمه، أو الثناء على الله تعالى به.

وأما دلالة العقل على فهم معاني ما أخبر الله تعالى به عن نفسه فمن وجهين:

أحدهما: أن ما أخبر الله به عن نفسه أعلى مراتب الأخبار وأغلى مطالب الأخيار، فمن المحال أن يكون ما أخبر الله به عن نفسه مجهول المعنى، وما أخبر به عن فرعون، وهامان، وقارون، وعن قوم نوح، وعاد، وثمود، والذين من بعدهم، معلوم المعنى مع أن ضرورة الخلق لفهم معنى ما أخبر الله به عن نفسه أعظم وأشد.

الثاني: أنه من المحال أن ينزل الله تعالى على عباده كتابا يعرفهم به بأسمائه، وصفاته، وأفعاله، وأحكامه، ويصفه بأنه عليّ حكيم (١) ، كريم (٢) ، عظيم (٣) ، مجيد (٤) ، مبين بلسان عربي ليعقل ويفهم (٥) . ثم تكون كلماته في أعظم المطالب غير معلومة المعنى، بمنزلة الحروف الهجائية التي لا يعلمها الناس إلا أماني، ولا يخرجون بعلمها عن صفة الأمية كما قال تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ} .

فإن قلت: ما الجواب عن قوله تعالى:


(١) (وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم) .
(٢) (إنه لقرآن كريم) .
(٣) (ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم) .
(٤) (بل هو قرآن مجيد) .
(٥) (حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربياً لعلكم تعقلون) .

<<  <  ج: ص:  >  >>