للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

الوجه الثاني: مما يدل على أنه لا يصح الاعتماد في ضابط النفي على مجرد نفي التشبيه: أن الناس اختلفوا في تفسير التشبيه، فقد يفسره بعضهم بما لا يراه الآخرون تشبيها.

مثال ذلك مع المعتزلة ومن سلك طريقهم من النفاة: أنهم جعلوا من أثبت لله تعالى علما قديما، أو قدرة قديمة مشبها ممثلا؛ لأن القدم أخص وصف الإله عند جمهورهم، فمن أثبت له علما قديما، أو قدرة قديمة فقد أثبت له مثيلا. والمثبتون يجيبونهم بالمنع تارة، وبالتسليم تارة.

أما المنع فيقولون: ليس القدم أخص وصف الإله، وإنما أخص وصف الإله ما لا يتصف به غيره، مثل: كونه رب العالمين، وأنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه الإله ونحو ذلك. والصفات وإن وصفت بالقدم كما توصف به الذات لا يقتضي ذلك أن تكون إلها أو ربا أو نحو ذلك، كما أن النبي - مثلا - يوصف بالحدوث، وتوصف صفاته بالحدوث، ولا يقتضي ذلك أن تكون صفاته نبيا.

وعلى هذا فلا يكون إثبات الصفات القديمة لله تعالى تمثيلا، ولا تشبيها.

وأما التسليم فيقولون: نحن وإن سلمنا أن هذا المعنى قد يسمى في اصطلاح بعض الناس تشبيها أو تمثيلا فإنه لم ينفه عقل ولا سمع، وحينئذ فلا مانع من إثباته.

فالقرآن إنما نفى مسمى المثل، والكفء، والند، ونحو ذلك والصفة

<<  <  ج: ص:  >  >>