أما العقل: فقد دل على علو الله بأن نقول: هل العلو صفة كمال أو السفل؟ الجواب بالعلو والله عز وجل قد قال في كتابه:{وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} فكل وصف أكمل فهو الله عز وجل وإذا كان العقل يدل على أن العلو كمال وجب أن يثبت العلو لله عز وجل، وتقرير ذلك أن يقال: إن الله عز وجل إما أن يكون في الأعلى، أو في الأسفل، أو في المحاذي ففي الأسفل مستحيل لنقصه، وفي المحاذي مستحيل أيضا لنقصه، لأنه يلزم أن يكون مساويا للمخلوق، فلم يبق إلا العلو فالله عال فوق كل شيء.
أما الفطرة: فإن كل إنسان مفطور على أن الله تعالى في السماء تجد الإنسان يقول: يا الله ويتجه إلى السماء فما يجد في قلبه ضرورة إلا إلى العلو. إذن فنحن نقول: إن الله تعالى فوق كل شيء، وإذا كان فوق كل شيء فإنه لا يمكن أن يكون المراد بهذا الحديث: " «لو دليتم بحبل إلى الأرض السابعة لوقع على الله» أن الله في الأرض.
فإن قيل: هل قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ} يقتضي أن الله في الأرض كما هو في السماء؟
فالجواب: لا لأن الله تعالى يخبر عن الألوهية، ولا يخبر عن مكانه أنه في السماء والأرض، لكن يخبر أنه إله في السماء وإله في الأرض، كما تقول: فلان أمير في مكة وأمير في المدينة، فالمعنى أن إمارته ثابتة في مكة وفي المدينة وإن كان هو قطعا في أحد البلدين وليس فيهما جميعا. فهذه الآية