للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثال الأول: صفة الحياة صفة ذاتية؛ لأن الله لم يزل ولا يزال حيا، كما قال الله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ} ، وفسرها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: "أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء"، وقال تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ} .

كذلك السمع والبصر والقدرة، كل هذه من الصفات الذاتية، ولا حاجة إلى التعداد لأننا عرفناها بالضابط: "كل صفة لم يزل الله ولا يزال متصفا بها فإنها من الصفات الذاتية" لملازمتها للذات، وكل صفة تتعلق بمشيئته يفعلها الله حيث اقتضتها حكمته فإنها من الصفات الفعلية مثل: استوائه على العرش، ونزوله إلى السماء الدنيا، فاستواء الله على العرش من الصفات الفعلية لأنه متعلق بمشيئته، كما قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} .

فجعل الفعل معطوفا على ما قبله بـ "ثم" الدالة على الترتيب، ثم النزول إلى السماء الدنيا وصفه به أعلم الخلق به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حيث قال فيما ثبت عنه ثبوتا متواترا قال: «ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له» ، وهذا النزول من الصفات الفعلية لأنه متعلق بمشيئة الله تعالى، فأهل السنة والجماعة يؤمنون بذلك، ولكنهم في هذا الإيمان يتحاشون التمثيل أو التكييف، أي أنهم لا يمكن أن يقع في نفوسهم أن نزوله كنزول المخلوقين، أو استواءه على العرش كاستوائهم، أو إتيانه للفصل بين عباده كإتيانهم؛ لأنهم يؤمنون بأن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، ويعلمون بمقتضى العقل ما بين الخالق والمخلوق من

<<  <  ج: ص:  >  >>