للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الصفات فإننا لا نصف الله إلا بما وصف به نفسه سواء ذكر الصفة وحدها بدون أن يتسمى بما دلت عليه، أو كانت هذه الصفة مما دلت عليها أسماؤه، فإنه يجب علينا أن نؤمن بهذه الصفة على حقيقتها، مثال ذلك: أثبت الله تبارك وتعالى لنفسه أنه استوى على عرشه، وهو يخاطبنا بالقرآن النازل باللسان العربي المبين، وكل الناس الذين لهم ذوق في اللغة العربية يعلمون معنى استوى في اللغة العربية، ولهذا قال الإمام مالك رحمه الله تعالى وقد سئل عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى؟ فقال: " الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة "، هذا هو اللفظ المشهور عنه، واللفظ الذي نقل عنه بالسند قال: " الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة "، وهذا اللفظ أدق من اللفظ الذي سقناه قبل؛ لأن كلمة " الكيف غير معقول " تدل على أنه إذا انتفى عنه الدليلان النقلي والعقلي فإنه لا يمكن التكلم به.

هذه الصفة من صفات الله لم يرد اسم من أسماء الله مشتق منها فلم يرد من أسمائه المستوي، ولكننا نقول: إنه استوى على العرش، ونؤمن بهذه الصفة على الوجه اللائق به، ونعلم أن معنى الاستواء هو العلو، فهو علو خاص بالعرش، ليس العلو المطلق على جميع المخلوقات، بل هو علو خاص، ولهذا نقول في قوله تعالى: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} : أي علا واستقر على وجه يليق بجلاله وعظمته، وليس كاستواء الإنسان على البعير والكرسي مثلا؛ لأن استواء الإنسان على البعير والكرسي استواء مفتقر إلى مكانه الذي يستوي عليه، أما استواء الله جل ذكره فإنه ليس استواء

<<  <  ج: ص:  >  >>