للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مفتقر، بل إن الله تبارك وتعالى غني عن كل شيء، كل شيء مفتقر إلى الله، والله تبارك وتعالى غني عنه.

ومن زعم أنه بحاجة إلى عرش يقله فقد أساء الظن بربه عز وجل، فهو سبحانه وتعالى غير مفتقر إلى شيء من مخلوقاته، بل جميع مخلوقاته مفتقرة إليه، كذلك النزول إلى سماء الدنيا حينما يبقى ثلث الليل الآخر نؤمن به على أنه نزول حقيقي، لكنه يليق بالله عز وجل لا يشبه نزول المخلوقين، ومن هنا نقول إنه يجب على المؤمن أن يتحاشى أمرا يلقيه الشيطان في باله أمرا خطيرا للغاية -وهو أمر حمل أهل البدع على تحريف النصوص من أجل هذا الأمر الذي يجعله الشيطان في قلوب الناس- ألا وهو تخيل كيفية صفة من صفات الله، أو تخيل كيفية ذات الله عز وجل.

فاعلم أنه لا يجوز أبدا أن يتخيل كيفية ذات الله، أو كيفية صفة من صفاته، واعلم أنك إن تخيلت أو حاولت التخيل فإنك لا بد أن تقع في أحد محذورين:

إما التحريف والتعطيل، وإما التمثيل والتشبيه، ولهذا يجب عليكم أيها الإخوة أن لا تتخيلوا أي شيء من كيفية صفات الله عز وجل، لا أقول: لا تثبتوا المعنى؛ لأن المعنى يجب أن يثبت، لكن تخيل كيفية تلك الصفة لا يمكن أن تتخيلها، وعلى أي مقياس تقيس هذا التخيل؟

لا يمكن أبدا أن تتخيل كيفية صفات الله عز وجل لا بالتقدير ولا بالقول، يجب عليك أن تتجنب هذا؛ لأنك تحاول ما لا يمكن الوصول إليه، بل تحاول ما يخشى أن يوقعك في أمر عظيم لا تستطيع الخلاص منه إلا بسلوك التمثيل والتعطيل؛ وذلك لأن الرب جلت عظمته لا يمكن لأحد أن يتخيله على كيفية معينة؛ لأنه إن فعل ذلك فقد قفا ما ليس له به علم، وقد قال الله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>