ادعيت أنه ثابت في هذه البدعة هل كان خافيا لدى الرسول عليه الصلاة والسلام، أو كان معلوما عنده لكنه كتمه ولم يطلع عليه أحد من سلف الأمة حتى ادخر لك علمه؟ !
والجواب: إن قال بالأول فشر، وإن قال بالثاني فأطم وأشر.
فإن قال: إن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يعلم حسن هذه البدعة، ولذلك لم يشرعها.
قلنا: رميت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأمر عظيم حيث جهلته في دين الله وشريعته.
وإن قال: إنه يعلم ولكن كتمه عن الخلق.
قلنا له: وهذه أدهى وأمر لأنك وصفت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي هو الأمين الكريم، وصفته بالخيانة وعدم الجود بعلمه، وهذا أشر من وصفه بعدم الجود بماله، مع أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان أجود الناس، وهنا شر قد يكون احتمالا ثالثا بأن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علمها وبلغها ولكن لم تصل إلينا، فنقول له: وحينئذ طعنت في كلام الله عز وجل؛ لأن الله تعالى يقول:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ، وإذا ضاعت شريعة من شريعة الذكر فمعنى ذلك أن الله لم يقم بحفظه، بل نقص من حفظه إياه بقدر ما فات من هذه الشريعة التي نزل من أجلها هذا الذكر.
وعلى كل حال فإن كل إنسان يبتدع ما يتقرب به إلى ربه من عقيدة أو عمل قولي أو فعلي فإنه ضال؛ لقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«كل بدعة ضلالة» ، وهذه كلية عامة لا يستثنى منها شيء إطلاقا، فكل بدعة في دين الله فإنها ضلالة وليس فيها من الحق شيء، فإن الله تعالى يقول:{فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} .