للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} ، فبين سبحانه أن هذا العقاب منه ليس ظلما، بل هو كمال العدل لأنه قد قدم إليهم بالوعيد، وبين لهم الطرق، وبين لهم الحق، وبين لهم الباطل، فلم يبق لهم حجة عند الله عز وجل، ولو قلنا بهذا القول الباطل لبطل قول الله تعالى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} ، فإن الله تبارك وتعالى نفى أن يكون للناس حجة بعد إرسال الرسل؛ لأنهم قامت عليهم الحجة بذلك، فلو كان القدر حجة لهم لكانت هذه الحجة باقية حتى بعد بعث الرسل؛ لأن قدر الله تعالى لم يزل ولا يزال موجودا قبل إرسال الرسل وبعد إرسال الرسل، إذن فهذا القول تبطله النصوص، ويبطله الواقع كما فصلنا بالأمثلة السابقة.

أما أصحاب القول الثاني فإنهم أيضا ترد عليهم النصوص والواقع؛ ذلك لأن النصوص صريحة في أن مشيئة الإنسان تابعة لمشيئة الله عز وجل، قال الله تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} ، {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ، والذين يقولون بهذا القول هم في الحقيقة مبطلون لجانب من جوانب الربوبية، وهم أيضا مدعون بأن في

<<  <  ج: ص:  >  >>