للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحابة الملازمون لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولهذا كانوا يفرحون أن يأتي أعرابي يسأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بعض المسائل. ويدلك على أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما ترك شيئا مما يحتاجه الناس في عبادتهم ومعاملتهم وعيشتهم إلا بينه، يدلك على ذلك قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} .

إذا تقرر ذلك عندك أيها المسلم فاعلم أن كل من ابتدع شريعة في دين الله ولو بقصد حسن فإن بدعته هذه مع كونها ضلالة تعتبر طعنا في دين الله عز وجل، تعتبر تكذيبا لله تعالى في قوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} . لأن هذا المبتدع الذي ابتدع شريعة في دين الله تعالى وليست في دين الله تعالى كأنه يقول بلسان الحال: إن الدين لم يكمل لأنه قد بقي عليه هذه الشريعة التي ابتدعها يتقرب بها إلى الله عز وجل.

ومن عجب أن يبتدع الإنسان بدعة تتعلق بذات الله عز وجل وأسمائه وصفاته، ثم يقول إنه في ذلك معظم لربه، إنه في ذلك منزه لربه، إنه في ذلك متمثل لقوله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} إنك لتعجب من هذا أن يبتدع هذه البدعة في دين الله المتعلقة بذات الله التي ليس عليها سلف الأمة ولا أئمتها ثم يقول: إنه هو المنزه لله، وإنه هو المعظم لله، وإنه هو الممتثل لقول الله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} (. وأن من خالف ذلك فهو ممثل مشبه، أو نحو ذلك من ألقاب السوء.

كما إنك لتعجب من قوم يبتدعون في دين الله ما ليس منه فيما يتعلق برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويدعون بذلك أنهم هم المحبون لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنهم المعظمون لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن من لم يوافقهم في بدعتهم هذه فإنه مبغض

<<  <  ج: ص:  >  >>