للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قال قائل: كيف تجيب عن قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة» وسن بمعنى "شرع"؟.

فالجواب: أن من قال: «من سن في الإسلام سنة حسنة» هو القائل: «كل بدعة ضلالة» ولا يمكن أن يصدر عن الصادق المصدوق قول يكذب له قولا آخر، ولا يمكن أن يتناقض كلام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبدا، ولا يمكن أن يرد على معنى واحد مع التناقض أبدا، ومن ظن أن كلام الله تعالى أو كلام رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ متناقض فليعد النظر، فإن هذا الظن صادر إما عن قصور منه، وإما عن تقصير. ولا يمكن أن يوجد في كلام الله تعالى أو كلام رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تناقض أبدا.

وإذا كان كذلك فبيان عدم مناقضة حديث «كل بدعة ضلالة» لحديث «من سن في الإسلام سنة حسنة» أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «من سن في الإسلام» والبدع ليست من الإسلام، ويقول "حسنة" والبدعة ليست بحسنة، وفرق بين السن والتبديع.

وهناك جواب لا بأس به: أن معنى "من سن" من أحيا سنة كانت موجودة فعدمت فأحياها وعلى هذا فيكون "السن" إضافيا نسبيا كما تكون البدعة إضافية نسبية لمن أحيا سنة بعد أن تركت.

وهناك جواب ثالث يدل له سبب الحديث وهو قصة النفر الذين وفدوا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكانوا في حالة شديدة من الضيق، فدعا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى التبرع لهم، فجاء رجل من الأنصار بيده صرة من فضة كادت تثقل يده فوضعها بين يدي الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجعل وجه النبي عليه الصلاة والسلام يتهلل من الفرح والسرور وقال: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر»

<<  <  ج: ص:  >  >>