للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لنا أن نتصورها بشيء معين، سواء قيدناها بمماثل نشاهده أم لا.

وأما قوله: "إن الإمام مالك لا يقول: والكيف مجهول ". فالجزم بأنه لا يقول بذلك جزم بما لا علم فيه. وأما كون هذا غير الوارد عنه فصحيح، فإن الوارد بالسند عنه قوله: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة". كما رواه البيهقي وأبو الشيخ الأصبهاني، وقوله رحمه الله: "غير معقول" أي أنا لا ندركه بعقولنا، فإذا لم ندركه بعقولنا ولم يرد به السمع، فقد انتفى عنه الدليلان العقلي والسمعي، فوجب الكف عنه، وتعذرت الإجابة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتوى الحموية: "فقول ربيعة ومالك: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب". موافق لقول الباقين: "أمروها كما جاءت بلا كيف" فإنما نفوا علم الكيفية ولم ينفوا حقيقة الصفة ". اهـ.

فتأمل قول الشيخ: " فإنما نفوا علم الكيفية ". ولم يقل: نفوا الكيفية يتبين لك أن السلف يثبتون الكيفية لكنها مجهولة لنا، ويدل لذلك أن الإمام مالكا وشيخه - رحمهما الله - لم يقولا: الكيف مستحيل أو غير ممكن ولو كان هذا هو الحق الذي يجب لله لبينه السلف رحمهم الله.

والحاصل أن نفي الكيفية عن الاستواء مطلقا هو تعطيل محض لهذه الصفة؛ لأننا إذا أثبتنا الاستواء حقيقة لزم أن يكون له كيفية، وهكذا يقال في بقية الصفات.

المسألة الثانية قوله: " ولا يجوز أن يفهم من الاستواء معنى لا يليق بالله، مثل الاستقرار، أو الجلوس، أو القعود ".

وهذا القول غير صحيح على إطلاقه، فإن قوله: " لا يجوز أن يفهم من الاستواء معنى لا يليق بالله " صحيح فإن كل ما وصف الله تعالى به

<<  <  ج: ص:  >  >>