نفسه من الاستواء وغيره لا يجوز أن نفهم منه معنى لا يليق بالله، ولكن ما هو المرجع والميزان فيما يليق بالله تعالى وما لا يليق؟
إن قلت: المرجع إلى ذلك العقول لزم من ذلك محذوران عظيمان:
أحدهما أن يكون المرجع فيما يجب لله تعالى من صفات الكمال وما ينزه من صفات النقص هو العقل، ومن المعلوم قصور العقول عن إدراك ما يجب لله تعالى إثباتا أو نفيا على سبيل التفصيل. قال الله تعالى:{وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} . فإذا علم قصور العقول عن ذلك فكيف يمكن أن تكون ميزانا لما لا يمكن أن تدركه؟ !
الثاني: أن عقول هؤلاء الذين زعموا أن المرجع في ذلك العقول كانت مضطربة متناقضة يوجب بعضها ما يرى الآخر امتناعه، فكيف تكون هذه العقول المضطربة أدلة وبراهين في إثبات ما يثبت لله تعالى ونفي ما ينفى عنه؟ !
وأما تمثيله لما لا يليق بالله بتفسير الاستواء على العرش بالاستقرار عليه والجلوس والقعود فغير صحيح، فأما تفسير استواء الله تعالى على عرشه باستقراره عليه فهو مشهور عن السلف، نقله ابن القيم في النونية وغيره. وأما الجلوس والقعود فقد ذكره بعضهم، لكن في نفسي منه شيء. والله أعلم.
المسألة الثالثة: قوله: " أو المكان " يعني أنه لا يليق بالله عز وجل. وهذا أيضا غير صحيح على إطلاقه، فإنه إن أراد بنفي المكان المكان المحيط بالله - عز وجل - فهذا النفي صحيح، فإن الله تعالى لا يحيط به شيء من مخلوقاته، وهو أعظم وأجل من أن يحيط به شيء، كيف