من؟ عقل زيد أو عمرو أو بكر. . كل واحد منهم له عقل يقول: هذا هو الحق، ولهذا تجدهم يتناقضون، بل إن الواحد منهم ينقض كلامه بعضه بعضا، يؤلف كتابا فينقض به ما في الكتاب الأول وهكذا.
حجج تهافت كالزجاج تخالها ... حقا وكل كاسر مكسور
فهم يتناقضون لأنهم على غير برهان وعلى غير أساس، فلهذا نقول: الطريق السليم، والمنهج الحكيم هو: ما درج عليه السلف من إجراء هذه النصوص على ظاهرها.
فإذا قال قائل: ظاهرها التمثيل.
قلنا له: أخطأت ليس ظاهرها التمثيل، وكيف يكون ظاهرها التمثيل وهي مضافة إلى الله تعالى والله لا يماثله أحد في ذاته فكذلك في صفاته. فمثلا قوله تعالى:{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} إذا قال: أنا لا أثبت الوجه حقيقة لأن ظاهره التمثيل، نقول: أخطأت ليس ظاهره التمثيل؛ لأن الله تعالى لم يذكر وجها مطلقا حتى يحمل على المعهود، وإنما ذكر وجها مضافا إلى ذاته {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} فإذا كان مضافا إلى ذاته وأنت تؤمن بأن ذاته لا تماثل ذوات المخلوقين وجب أن يكون وجهه لا يماثل أوجه المخلوقين. والله أكبر عليك لو قيل: يد الفيل ما فهمت أنها كيد الهرة؛ لأنها أضيفت إلى الفيل وليست يدا مطلقة حتى تقول: تشترك مع غيرها فلا يمكن أن تفهم من قول القائل: يد فيل أنه كقول القائل: يد هر، أبدا فيكف تفهم إذا قيل: يد الله بأنها كيد زيد أو عمرو؟ أبدا ما يمكن أن تفهم هذا، فكل من قال: إن ظاهر نصوص الصفات التمثيل فإنه كاذب سواء تعمد الكذب أم لم يتعمده؛ لأنه حتى الذي يقول عن تأويل خاطئ