نفسه ويضيفه إلى أمر آخر، وإذا أداه اجتهاده إلى ذلك فإنه يكون معذورا لا مشكورا؛ لأن هناك فرقا بين السعي المشكور وهو ما وافق الحق، وبين العمل المعذور وهو ما خالف الحق لكن نعرف من صاحبه النصح إلا أنه التبس عليه الحق، فإن في هؤلاء المئولة الذين نرى أن عملهم تحريف فيهم من يعلم منه النصيحة لله، ولكتابه، ولرسوله، وللمسلمين، لكن التبس عليهم الحق فضلوا الطريق في هذه المسألة.
وفي قوله:«فيقول: من يدعوني فأستجيب له» في هذا إثبات القول لله وأنه بحرف وصوت؛ لأن أصل القول لا بد أن يكون بصوت ولو كان قولا بالنفس لقيده الله كما قال تعالى:{وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ} فإذا أطلق القول فلا بد أن يكون بصوت، ثم إن كان من بعد سمي نداء، وإن كان من قرب سمي نجاء.
فإذا قال قائل: نحن لا نسمع هذا القول؟
فنقول: أخبرنا به من قوله عندنا أشد يقينا مما لو سمعنا وهو الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نعلم علم اليقين بأن الله يقول: بخبر أصدق الخلق صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن لو سمعنا قولا، لظننا أنه وجبة شيء سقط، أو حفيف أشجار من رياح فنتوهم فيما نسمع لكن ما قاله رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا نتوهم فيه، فيكون خبر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندنا بمنزلة ما سمعنا بآذاننا، بل أشد يقينا، إذا صح عنه، وهذا الحديث قد صح عنه فهو متواتر أو هو مشهور مستفيض عند أهل السنة والحديث فلذلك نقول: إن الله يقول هذا فينبغي لك وأنت تتهجد لله في هذا الزمن من الليل أن تشعر بأن الله ينادي يقول: من يدعوني