وأما عمل الصحابة: فقد وقع بينهم رضي الله عنهم الاختلاف،لكن لم يحصل به التفرق ولا العداوة ولا البغضاء، فقد حصل الخلاف بينهم في عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورسول الله بين أظهرهم فمن ذلك «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما فرغ من غزوة الأحزاب، وجاءه جبريل يأمره أن يخرج إلى بني قريظة لنقضهم العهد قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأصحابه:"لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة"، فخرجوا من المدينة إلى بني قريظة، وحان وقت صلاة العصر، فقال بعضهم: لا نصلي إلا في بني قريظة، ولو غابت الشمس، لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:"لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة".فنقول سمعنا وأطعنا.
ومنهم من قال: نصلي في الوقت لأن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أراد بذلك المبادرة والإسراع إلى الخروج ولم يرد منا تأخير الصلاة. فبلغ ذلك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلم يعنف أحدًا منهم ولم يوبخه على ما فهم» ، وهم بأنفسهم رضي الله عنهم لم يتفرقوا من أجل اختلاف الرأي في فهم حديث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.