٢٧٠ - ومن الناس من يقول: البدع تنقسم إلى قسمين حسنة وقبيحة بدليل قول عمر في التراويح: " نعمت البدعة"(١) وبدليل أشياء من الأقوال والأفعال أحدثت بعد رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وليست مكروهة أو هي حسنة للأدلة الدالة على ذلك من الإجماع أو القياس وهؤلاء يقولون: ليس كل بدعة ضلالة ثم لهم هاهنا مقامان: أحدهما: أن يقولوا: إذا ثبت أن بعض البدع حسن وبعضها قبيح فالقبيح ما نهى عنه الشارع وما سكت عنه فليس بقبيح بل قد يكون حسنا. المقام الثاني: أن يقولوا عن بدعة سيئة هذه بدعة حسنة: لأن فيها من المصلحة كيت وكيت.
والجواب عن المقام الأول: أن القول بأن كل بدعة ضلالة هو نص رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلا يحل لأحد أن يدفع دلالته على ذم البدع ومن نازع في دلالته فهو مراغم.
ويقال: ما ثبت حسنه فليس من البدع أو مخصوص من هذا العموم.
والمخصص هو الكتاب والسنة والإجماع نصا أو استنباطا وأما عادة بعض البلاد أو قول كثير من العلماء فلا يصلح أن يكون معارضا لقول الرسول- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى يخصص به.. لكن لكثرة الجهالة قد يستند إلى مثلها خلق كثير من الناس حتى من المنتسبين إلى العلم والدين.
٢٧٢- وأيضا لا يجوز حمل قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«كل بدعة ضلالة» ، على البدعة التي نهي عنها بخصوصها لأن هذا تعطيل لفائدة الحديث فإن ما نهي عنه قد علم بذلك النهي أنه قبيح محرم سواء كان بدعة أم لا وحمل
(١) البخاري: كتاب صلاة التراويح: باب فضل من قام رمضان.