إحداهما: قالت: إن من فعل محرما أو ترك واجبا فهو مخلد في النار، وهؤلاء هم المعتزلة. وقالوا: هو لا مسلم ولا كافر منزلة بين منزلتين. وأما الخوارج فكفروه.
الطائفة الثانية: مقابلة لهذه قالت: كل موحد لا يخلد في النار والناس في الإيمان سواء، وهم المرجئة. وهم ثلاثة أصناف. صنف قالوا: الإيمان مجرد ما في القلب وهما نوعان.
الأول: من يدخل أعمال القلوب وهم أكثر فرق المرجئة.
والثاني: من لا يدخلها وهم الجهمية وأتباعهم كالأشعري، لكن الأشعري يثبت الشفاعة في أهل الكبائر.
والصنف الثاني: قالوا: الإيمان مجرد قول اللسان. وهم الكرامية، ولا يعرف لأحد قبلهم، وهؤلاء يقولون: إن المنافق مؤمن، ولكنه مخلد في النار.
الثالث: قالوا: إنه تصديق القلب وقول اللسان. وهم أهل الفقه والعبادة من المرجئة، ومنهم أبو حنيفة وأصحابه.
فائدة:
مراد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بقوله:«وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل»(١) ، أنه لم يبق بعد هذا الإنكار ما يدخل في الإيمان حتى يفعله المؤمن، لا أن من لم ينكر ذلك بقلبه لم يكن معه من الإيمان حبة خردل.
قلت: ومن رضي بالذنب واطمأن إليه فهو كفاعله لا سيما مع فعل ما يوصل إليه وعجز وقد قال الشيخ رحمه الله: [إن من ترك إنكار كل منكر بقلبه فهو كافر] .
(١) أخرجه البخاري: كتاب الرقاق: باب رفع الأمانة، ومسلم: كتاب الإيمان: باب رفع الأمانة والإيمان من بعض القلوب.