للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثال آخر:-

هؤلاء الكفلاء الذين استقدموا العمال، يريدون من العامل أن يقوم بالعمل كاملا ولكنهم لا يوفون العامل أجرة عمله، حتى إن بعض العمال يتقدم يشكو يقول: أنا لي ثلاثة، أربعة أشهر عند كفيلي ما أعطاني شيئا، وهذا ظلم وجور، بل قد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «قال الله تعالى ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرّا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه حقه» (١) هؤلاء الذين يتعاملون مع الناس هذه المعاملة إذا كان الحق لهم أخذوا به كاملا، وإذا كان الحق عليهم فرطوا فيه. استمعوا إلى جزائهم يوم القيامة، قال الله تعالى {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [سورة المطففين، الآيات: ١-٦] .

ومن ذلك أيضا أن بعض الأزواج يريد من الزوجة أن تقوم بحقه كاملا ولكنه يماطلها بحقها تجده يريد أن تقوم بكل خدمة البيت على الوجه الأكمل ولكنه لا يعطيها حقها من النفقة حتى الإنفاق الواجب عليه لا يقوم به، وهذا يدخل في المطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون وفي هذه الحال يجوز للمرأة إذا امتنع زوجها من إعطائها النفقة الكافية يجوز أن تأخذ من ماله بلا علمه، هكذا أفتى به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فإن هند بنت عتبة جاءت تشكو زوجها إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقالت إنه رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني وولدي بالمعروف، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خذي من ماله ما يكفيك ويكفي بنيك» (٢) ، لأنه حق لها فإذا


(١) البخاري: كتاب البيوع: باب إثم من باع حراً.
(٢) البخاري: كتاب البيوع: باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>