للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بخل به فلها أن تأخذ من ماله بلا علمه كما أن من النساء من تكون بالعكس تريد من زوجها أن يقوم بحقها كاملا ولكنها هي تنقصه حقه. هؤلاء داخلون في هذه الآية بالقياس الجلي الواضح.

{لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [سورة الأنعام، الآية: ١٥٢] .

ما أحسن هذه الجملة بعد الأمر بإيفاء الكيل والميزان بالقسط. الإنسان يجب عليه أن يوفي الكيل والميزان بالقسط، لكن ربما يكون هناك تقصير لم يحط به فهل يأثم على ذلك؟

لا، ولهذا قال: {لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} وهذه القاعدة ذكرها الله في عدة آيات فقال تعالى في سورة البقرة: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [سورة البقرة، الآية: ٢٨٦] . وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [سورة الأعراف، الآية: ٤٢] . وهذا من كرم الله عز وجل أن الإنسان لا يكلف من دين الله إلا ما يطيق، وهو داخل في عموم قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} وقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن الدين يسر» (١) وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وهو يبعث البعوث فقد بعث أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل إلى اليمن وقال: يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا» (٢) ، فالله عز وجل لا يكلف نفسا إلا وسعها في جميع الأوامر فما لم تستطع فانتقل إلى بدله إن كان له بدل وإذا عجزت عن البدل سقط عنك واستمعوا إلى القصة التي وقعت من «رجل جاء إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فقال: يا رسول الله هلكت، قال ما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان وأنا صائم، فسأله النبي عليه الصلاة والسلام»


(١) البخاري: الإيمان: باب الدين يسر (٣٩) .
(٢) البخاري: كتاب الجهاد: باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>