للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعاصرين الذين نالوا ما نالوا من الثقافة يركزون كثيرا على توحيد الربوبية، وعندي أن توحيد الربوبية ليس بالأمر الأهم بالنسبة لتوحيد الألوهية، لأن منكريه قليلون وكل إنسان عاقل فإنه لا بد أن يدرك أن لهذا الكون العظيم المنظم إلها خالقا حكيما واستمع إلى قول الله تعالى في سورة الطور: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} . [سورة الطور، الآية: ٣٥] .

هذا استفهام {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} ، وجوابه: ما خلقوا من غير شيء ولا هم الخالقون.

لأنهم قبل أن يوجدوا عدم والعدم ليس بشيء، فضلا عن أن يوجد شيئا. وهم أيضا لم يخلقوا من غير شيء لأن خلق شيء من غير شيء مستحيل في العقل كل حادث فلا بد له من محدث ويذكر أن طائفة من السمنية وهم أناس من الوثنية الذين ينكرون الخالق أتوا إلى أبي حنيفة - رحمه الله - في العراق وقالوا: من الذي خلق هذا الكون فقال: أمهلوني ثم أمهلوه وجاؤوا إليه وقال لهم: إني أفكر في سفينة جاءت محملة إلى نهر دجلة محملة بالبضائع وأن هذه السفينة نزلت البضائع وانصرفت بعد ذلك، أفكر هل يمكن هذا أم لا بد من أناس يشحنونها أولا ثم ينزلونها ثانيا، فقالوا: كيف تفكر بهذا، هل هذا يحتاج لتفكير؟

هذا غير معقول قال: إذا كان هذا غير معقول، فكيف يعقل أن هذه الشمس والنجوم والقمر والبحار والأنهار والأشجار النامية والإنس وكل ما نشاهده كيف يعقل أن يكون بدون موجد، هل هذا معقول فانقطعوا.

ولهذا جاءت الآية تستدل على أن الخالق هو الله عن طريق السبر والتقسيم فهم إما أن يخلقوا بدون خالق، أو يخلقوا أنفسهم، أو يكون لهم خالق وهو الله - عز وجل - وهذه الأخيرة هي النتيجة فتوحيد الربوبية أيها الإخوة لا ينكره إلا النادر، النادر من الناس حتى من أنكره ممن قص الله علينا

<<  <  ج: ص:  >  >>