للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من نبأ إنكاره، فإنما ينكرونه مكابرة، وهم في قرارة أنفسهم يؤمنون به؛ ففرعون قال لقومه حين حشرهم وناداهم قال لهم: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} ولم يكن صادقا في ذلك.

لأن موسى قال له مجابهة: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} [سورة الإسراء الآية: ١٠٢] لما قال هذا لفرعون هل قال فرعون له: ما علمت ذلك؟ أبدا ما قال، ولا استطاع أن يقول، وكان يقول لقومه: {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [سورة القصص، الآية: ٣٨] . والخلاصة أن المهم بنا أيها الإخوة أن نحرص على بث روح التوحيد، توحيد الألوهية في نفوس الناس؛ حتى يكون هدف الإنسان وجه الله والدار الآخرة في جميع شئونه في عبادته وأخلاقه ومعاملاته وجميع شئونه؛ لأن هذا هو المهم أن يكون الإنسان قصده ورجاؤه وإنابته ورجوعه إلى الله عز وجل، وبهذا التوحيد - أعني توحيد الألوهية والعبادة - ينال العبد سعادة الدنيا والآخرة؛ لأن قلبه ينسلخ عما سوى الله، ويتعلق بالله وحده، لا يدعو إلا الله ولا يرجو إلا الله، ولا يستغيث إلا بالله، ولا يستعين إلا بالله، ولا يؤمل كشف الضر إلا من الله -عز وجل- ولا جلب الخير إلا من الله -عز وجل- إن عبد فلله وبالله، حتى إن الموفق تكون عاداته عبادات، والمخذول تكون عباداته عادات؛ لأن الموفق يستطيع أن يجعل أكله عبادة، وشربه عبادة، ولباسه عبادة، ودخوله عبادة، وخروجه عبادة حتى مخاطبة الناس يمكن يجعلها عبادة.

ويمكن أن نضرب مثلا بالأكل كيف يكون عبادة؟

أولا: ينوي به الإنسان امتثال أمر الله في قوله: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} هذا أمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>