للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما بعد

فهذا

ــ

وقد نبئ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بـ اقرأ وأرسل بالمدثر، فبقوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} . إلى قوله: {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: ١-٥] كان نبيا، وبقوله: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر: ١،٢] كان رسولًا عليه الصلاة والسلام.

" أما بعد ": (أما) هذه نائبة عن اسم شرط وفعله، التقدير: مهما يكن من شيء؛ قال ابن مالك:

أما كمهايك من شيء وفا ... لتلو تلوها وجوبًا ألفها

فقولهم: أما بعد: التقدير: مهما يكن من شيء بعد هذا، فهذا.

وعليه، فالفاء هنا رابطة للجواب والجملة بعدها في محل جزم جواب الشرط، ويحتمل عندي أن تكون: " أما بعد، فهذا "؛ أي أن (أما) حرف شرط وتفصيل أو حرف شرط فقط مجرد عن التفصيل، والتقدير: أما بعد ذكر هذا؛ فأنا أذكر كذا وكذا. ولا حاجة أن نقدر فعل شرط، ونقول: إن (أما) حرف ناب مناب الجملة.

" فهذا ": الإشارة لا بد أن تكون إلى شيء موجود، أنا عندما أقول: هذا؛ فأنا أشير إلى شيء محسوس ظاهر، وهنا المؤلف كتب الخطبة قبل الكتاب وقبل أن يبرز الكتاب لعالم الشاهد، فكيف ذلك؟!

أقول: إن العلماء يقولون: إن كان المؤلف كتب الكتاب ثم كتب المقدمة والخطبة، فالمشار إليه موجود ومحسوس، ولا فيه إشكال، وإن لم يكن كتبه، فإن المؤلف يشير إلى ما قام في ذهنه عن المعاني التي سيكتبها في هذا الكتاب، وعندي فيه وجه ثالث، وهو أن المؤلف قال هذا باعتبار حال المخاطب، والمخاطب لم يخاطب بذلك إلا بعد أن برز الكتاب وصدر؛

<<  <  ج: ص:  >  >>