للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثانية: قوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} .

وكثير من هؤلاء المخالفين للسلف تقوم عليهم الحجة بأوضح بيان وأفصح عبارة، ولكنهم يعاندون وربما يعتدون، ويستطيلون على أهل الحق بوصفهم بألقاب السوء، لينفروا الناس عن الحق الذي هم عليه. ومثل هؤلاء لا يمكن الدعوة إلى مداهنتهم وترك مهاجمتهم؛ لأن ذلك إضعاف لجانب الحق، وذل وخنوع لأهل الباطل.

وأما التعليل الذي ذكرتموه من أن الجميع يريدون وجه الله ويجمعهم حب الإسلام وخدمة الدين، فلا ريب أن بعضهم يدعي ذلك، ولكن الإخلاص وحده لا يكفي بل لا بد من عمل صالح ولا يكون العمل صالحًا حتى يكون مخلصًا لله، متبعًا فيه شريعته التي كان عليها رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان قال الله تعالى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} . فلم يكتفِ بمجرد إسلام الوجه لله - تعالى - بل قيد ذلك بقوله: {وَهُوَ مُحْسِنٌ} ومن المعلوم أن المشركين الذين يعبدون الأصنام ويتخذونهم أولياء كانوا يدعون حسن القصد يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} . وأن من هؤلاء الطوائف - الذين دعوتم إلى ترك مهاجمتهم وزعمتم أنهم يريدون

<<  <  ج: ص:  >  >>