للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله " فيقول: من يدعوني ": " من ": استفهام للتشويق؛ كقوله تعالى: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الصف:١٠] .

و" يدعوني " أي: يقول: يا رب.

وقوله: " فأستجيب له ": بالنصب؛ لأنها جواب الطلب.

" من يسألني ": يقول: أسألك الجنة، أو نحو ذلك.

" من يستغفرني ": فيقول: اللهم اغفر لي، أو: أستغفرك اللهم.

" فأغفر له ": والمغفرة ستر الذنب والتجاوز عنه.

بهذا يتبين لكل إنسان قرأ هذا الحديث أن المراد بالنزول هنا نزول الله نفسه، ولا نحتاج أن نقول: بذاته؛ ما دام الفعل أضيف إليه؛ فهو له، لكن بعض العلماء قالوا: ينزل بذاته؛ لأنهم لجئوا إلى ذلك، واضطروا إليه؛ لأن هناك من حرفوا الحديث وقالوا: الذي ينزل أمر الله. وقال آخرون: بل الذي ينزل رحمة الله. وقال آخرون: بل الذي ينزل ملك من ملائكة الله.

وهذا باطل؛ فإن نزول أمر الله دائما وأبدا، ولا يختص نزوله في الثلث الأخير من الليل؛ قال الله تعالى: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} [السجدة:٥] ، وقال: {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ} [هود:١٢٣] .

وأما قولهم: تنزل رحمة الله إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر. فسبحان الله. الرحمة لا تنزل إلا في هذا الوقت. قال الله تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل:٥٣] ؛ كل النعم من الله، وهي من

<<  <  ج: ص:  >  >>