وأما الشفاعة الثالثة؛ فيشفع فيمن استحق النار، وهذه الشفاعة له ولسائر النبيين والصديقين وغيرهم، فيشفع فيمن استحق النار أن لا يدخلها، ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها
ــ
لقبه الرسول عليه الصلاة والسلام أسد الله، وقتل شهيدا في أحد رضي الله عنه وأرضاه، وسماه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سيد الشهداء.
فأبو طالب أذن الله لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يشفع فيه، مع أنه كافر، فيكون هذا مخصوصا من قوله تعالى:{فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ}[المدثر: ٤٨] ، ولكنها شفاعة لم تخرجه من النار، بل كان في ضحضاح من نار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه؛ قال الرسول عليه الصلاة والسلام:«ولولا أنا؛ لكان في الدرك الأسفل من النار» ، وليس هذا من أجل شخصية أبي طالب، لكن من أجل ما حصل من دفاعه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعن أصحابه.
قوله:" وأما الشفاعة الثالثة؛ فيشفع؛ فيمن استحق النار "؛ أي: من عصاة المؤمنين.
وهذه لها صورتان: يشفع فيمن استحق النار أن لا يدخلها، وفيمن دخلها أن يخرج منها.
أما فيمن دخلها أن يخرج منها؛ فالأحاديث في هذا كثيرة جدا، بل متواترة.
وأما فيمن استحقها أن لا يدخلها؛ فهذه قد تستفاد من دعاء الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمؤمنين بالمغفرة والرحمة على جنائزهم؛ فإنه من لازم ذلك أن لا يدخل النار؛ كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:«اللهم اغفر لأبي سلمة،»