للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأول ما خلق الله القلم قال له: أكتب. قال: ما أكتب؟

ــ

القرآن، ولا يلزم من كون ذكره في اللوح المحفوظ أن يكون قد كتب فيه؛ كما قال الله تعالى عن القرآن: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ} [الشعراء: ١٩٦] ؛ يعني: كتب الأولين، ومعلوم أن القرآن لم يوجد نصه في الكتب السابقة، وإنما وجد ذكره، ويمكن أن نقول مثلها في قوله تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج: ٢١: ٢٢] ؛ أي: ذكره في هذا اللوح.

فالمهم أن نؤمن بأن مقادير الخلق مكتوبة في اللوح المحفوظ، وأن هذا اللوح لا يتغير ما كتب فيه؛ لأن الله أمره أن يكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة.

* قوله: «فأول ما خلق الله القلم؛ قال له: أكتب» : فأمره أن يكتب؛ مع أن القلم جماد.

* فكيف يوجه الخطاب إلى الجماد؟ !

والجواب عن ذلك: أن الجماد بالنسبة إلى الله عاقل يصح أن يوجه إليه الخطاب: قال الله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: ١١] ؛ فوجه الخطاب إليهما، وذكر جوابهما، وكان الجواب بجمع العقلاء طائعين دون طائعات.

وقال تعالى: {قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: ٦٩] ؛ فكانت كذلك.

وقال تعالى: {يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} [سبأ:١٠] ؛ فكانت الجبال تؤوب معه.

<<  <  ج: ص:  >  >>