وهم يزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له تعلق بالدين والإجماع الذي ينضبط هو ما كان عليه السلف الصالح، إذا بعدهم كثر الاختلاف وانتشرت الأمة
ــ
فيها إجماع، أثبتناها بهذا الإجماع.
وكأن المؤلف رحمه الله يريد من هذه الجملة إثبات أن إجماع أهل السنة حجة.
" الأصول الثلاثة ": هي الكتاب والسنة والإجماع.
يعني: أن أهل السنة والجماعة يزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من قول أو عمل، باطن أو ظاهر، لا يعرفون أنه حق، إلا إذا وزنوه بالكتاب والسنة والإجماع، فإن وجد له دليل منها، فهو حق، وإن كان على خلافه، فهو باطل.
يعني أن الإجماع الذي يمكن ضبطه والإحاطة به هو ما كان عليه السلف الصالح وهم القرون الثلاثة، الصحابة والتابعون وتابعوهم.
ثم علل المؤلف ذلك بقوله:" إذ بعدهم كثر الاختلاف وكثرت الأمة " يعني: أنه كثر الاختلاف ككثرة الأهواء، لأن الناس تفرقوا طوائف، ولم يكونوا كلهم يريدون الحق، فاختلفت الآراء، وتنوعت الأقوال، " وانتشرت الأمة ": فصارت الإحاطة بهم من أصعب الأمور.
فشيخ الإسلام رحمه الله كأنه يقول: من ادعى الإجماع بعد السلف الصالح، وهم القرون الثلاثة، فإنه لا يصح دعواه الإجماع، لأن الإجماع الذي ينضبط ما كان عليه السلف الصالح، وهل يمكن أن يوجد إجماع بعد الخلاف؟ فنقول: لا إجماع مع وجود خلاف سابق ولا عبرة بخلاف بعد تحقق الإجماع.