للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصرفه، ولا يجوز لنا أن نبقيه عندنا.

ومعنى أشده: قوته العقلية والبدنية، والخطاب هنا لأولياء اليتامى أو للحاكم على قول بعض أهل العلم، وبلوغ الأشد يختلف، والمراد به هنا الأشد الذي يكون به التكليف، وهو تمام خمس عشرة سنة، أو إنبات العانة أو الإنزال.

قوله: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ} ، أي: أوفوا الكيل إذا كلتم فيما يكال من الأطعمة والحبوب.

وأوفوا الميزان: إذا وزنتم فيما يوزن؛ كاللحوم مثلا.

والأمر بالإيفاء شامل لجميع ما تتعامل به مع غيرك؛ فيجب عليك أن توفي بالكيل والوزن وغيرهما في التعامل.

قوله: بالقسط، أي: بالعدل، ولما كان قوله: بالقسط قد يشق بعض الأحيان؛ لأن الإنسان قد يفوته أن يوفي الكيل أو الوزن أحيانا، أعقب ذلك بقوله: {لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} ؛ أي: طاقتها، فإذا بذل جهده وطاقته، وحصل النقص؛ فلا يعد مخالفا؛ لأن ما خرج عن الطاقة معفو عنه فيه، كما أن هذه الجملة تفيد العفو من وجه، وهو ما خرج عن الوسع؛ فإنها تفيد التغليظ من وجه، وهو أن على المرء أن يبذل وسعه في الإيفاء بالقسط، ولكن متى تبين الخطأ وجب تلافيه لأنه داخل في الوسع.

قوله: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا} ، معناه: أي قول تقوله؛ فإنه يجب عليك أن تعدل فيه، سواء كان ذلك لنفسك على غيرك، أو لغيرك على نفسك، أو لغيرك على غيرك، أو لتحكم بين اثنين؛ فالواجب العدل؛ إذ العدل في اللغة الاستقامة، وضده الجور والميل؛ فلا تمل يمينا ولا شمالا، ولم يقل هنا: {لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} ؛ لأن القول لا يشق فيه العدل غالبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>