للآيات التي دلت على دعوته للناس من ذريته، ولكن كان من حكمة الله أن لا تجاب دعوته في بعضهم، كما «أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا أن لا يجعل بأس أمته بينهم» ?فلم يجب الله دعاه.
وأيضا يمنع من الأول أن الآية بصيغة الجمع، وليس لإبراهيم من الأبناء سوى إسحاق وإسماعيل.
ومعنى: واجنبني؛ أي: اجعلني في جانب والأصنام في جانب، وهذا أبلغ مما لو قال: امنعني وبني من عبادة الأصنام؛ لأنه إذا كان في جانب عنها كان أبعد.
فإبراهيم عليه السلام يخاف الشرك على نفسه، وهو خليل الرحمن وإمام الحنفاء؛ فما بالك بنا نحن إذًا؟!
فلا تأمن الشرك، ولا تأمن النفاق؛ إذ لا يأمن النفاق إلا منافق، ولا يخاف النفاق إلا مؤمن، ولهذا قال ابن أبي ملكية:(أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كلهم يخاف النفاق على نفسه) .
وها هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه خاف على نفسه النفاق؛ فقال لحذيفة بن اليمان رضي الله عنه الذي أسر إليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأسماء أناس من المنافقين فقال له عمر رضي الله عنه:(أنشدك الله؛ هل سماني لك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع من سمى من المنافقين؟ . فقال حذيفة رضي الله عنه: لا، ولا أزكي بعدك أحدا)(١) أراد عمر بذلك زيادة الطمأنينة، وإلا؛ فقد شهد له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجنة.
(١) انظر ك (طريق الهجرتين) لابن القيم آخر الطبقة الخامسة عشرة.