ولا يقال: إن عمر رضي الله عنه أراد حث الناس على الخوف من النفاق ولم يخفه على نفسه؛ لأن ذلك خلاف ظاهر اللفظ، والأصل حمل اللفظ على ظاهره، ومثل هذا القول يقوله بعض العلماء فيما يضيفه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى نفسه في بعض الأشياء، يقولون: هذا قصد به التعليم، وقصد به أن يبين لغيره، كما قيل: إن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقل: رب اغفر لي لأن له ذنبا، ولكن لأجل أن يعلم الناس الاستغفار، وهذا خلاف الأصل، وقال بعضهم: إنه جهر بالذكر عقب الفريضة ليعلم الناس الذكر، لا لأن الجهر بذلك من السنة ونحو ذلك.
قوله:{أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} . أن والفعل بعدها في تأويل مصدر: مفعول ثان لقوله: اجنبني.
والأصنام: جمع صنم، وهو ما جعل على صورة إنسان أو غيره يعبد من دون الله.
أما الوثن؛ فهو ما عبد من دون الله على أي وجه كان، وفي الحديث:«لا تجعل قبري وثنا يعبد»(١) فالوثن أعم من الصنم.
ولا شك أن إبراهيم سأل ربه الثبات على التوحيد؛ لأنه إذا جنبه عبادة الأصنام صار باقيا على التوحيد.
الشاهد من هذه الآية:
أن إبراهيم خاف الشرك، وهو إمام الحنفاء، وهو سيدهم ما عدا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.