للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرك، فمن صرف شيئا من أنواع العبادة لغير الله؛ فقد كفر كفرًا مخرجًا له عن الملة، فلو ركع الإنسان أو سجد لشيء يعظمه كتعظيم الله في هذا الركوع أو السجود؛ لكان مشركًا، ولهذا «منع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الانحناء عند الملاقاة لما سئل عن الرجل يلقى أخاه أن ينحني له؟ قال: (لا) » (١) .

خلافًا لما يفعله بعض الجهال إذا سلم عليك انحنى لك؛ فيجب على كل مؤمن بالله أن ينكره؛ لأنه عظمك على حساب دينه.

الثاني: دعاء المسألة؛ فهذا ليس كله شركًا، بل فيه تفصيل، فإن كان المخلوق قادرًا على ذلك؛ فليس بشرك؛ كقوله: اسقني ماء لمن يستطيع ذلك. قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من دعاكم فاجيبوه» (٢) وقال تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} [النساء: ٨.] .

فإذا مد الفقير يده، وقال: ارزقني؛ أي: أعطني؛ فليس بشرك، كما قال تعالى: {فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} ، وأما إن دعا المخلوق بما لا يقدر عليه إلا الله؛ فإن دعوته شرك مخرج عن الملة.

مثال ذلك: أن تدعو إنسانًا أن ينزل الغيث معتقدًا أنه قادر على ذلك.

والمراد بقول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من مات وهو يدعو لله ندا» المراد الند في العبادة، أما الند في المسألة؛ ففيه التفصيل السابق.

ومع الأسف؛ ففي بعض البلاد الإسلامية من يعتقد أن فلانًا المقبور الذي


(١) مسند الإمام أحمد (٣/١٩٨) ، والترمذي: كتاب الاستئذان/ باب ما جاء في المصافحة، وقال: (حديث حسن) ، وابن ماجة: كتاب الأدب/ باب في المصافحة.
(٢) مسند الإمام أحمد (٢/٦٨) ، وأبو داود (٣/١٧) ، والنسائي (٥/٢٨) ، والحاكم

<<  <  ج: ص:  >  >>