للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقي جثة أو أكلته الأرض ينفع أو يضر، أو يأتي بالنسل لمن لا يولد لها، وهذا -والعياذ بالله- شرك أكبر مخرج من الملة، وإقرار هذا أشد من إقرار شرب الخمر والزنا واللواط؛ لأنه إقرار على كفر، وليس إقرارًا على فسوق فقط.

قوله: (دخل النار) . أي: خالدًا، مع أن اللفظ لا يدل عليه؛ لأن دخل فعل، والفعل يدل على الإطلاق.

وأيضًا قال الله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة: ٧٢.] ، وإذا حرمت الجنة؛ لزم أن يكون خالدًا في النار أبدًا، فيجب أن نخاف من الشرك ما دامت هذه عقوبته؛ فالمشرك خسر الآخرة؛ لأنه في النار خالد، وخسر الدنيا أيضًا؛ لأنه لم يستفد منها شيئًا، وقامت عليه الحجة، وجاءه النذير، ولكنه خسر -والعياذ بالله-، ما استفاد شيئًا من الدنيا، قال تعالى: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر: ٣٧.] ، وقال الله عز وجل: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ} [الحج:١١-١٣.] ، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر: ١٥] .

فخسر نفسه؛ لأنه لم يستفد منها شيئًا، وخسر أهله؛ لأنهم إن كانوا من المؤمنين فهم في الجنة، فلا يتمتع بهم في الآخرة, وإن كانوا في النار فكذلك؛ لأنه كلما دخلت أمة لعنت أختها، والشرك خفي جدًّا؛ فقد يكون في الإنسان وهو لا يشعر إلا بعد المحاسبة الدقيقة؛ ولهذا قال بعض السلف: (ما جاهدت

<<  <  ج: ص:  >  >>