للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} [فاطر: ١٤] ، والخبر هنا عن الله تعالى، قال تعالى: {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر: ١٤] ، يعني: نفسه سبحانه وتعالى.

وقوله: {مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ} أتى بـ (من) ، وهي للعاقل، مع أنهم يعبدون الأصنام والأحجار والأشجار، وهي غير عاقلة؛ لأنهم لما عبدوها نزلوها منزلة العاقل، فخوطبوا بمقتضى ما يدعون؛ لأنه أبلغ في إقامة الحجة عليهم في أنهم يدعون من يرونهم عقلاء، ومع ذلك لا يستجيبون لهم، وهذا من بلاغة القرآن؛ لأنه خاطبهم بما تقتضيه حالهم ليقيم الحجة عليهم؛ إذ لو قيل: ما لا يستجيب له؛ لقالوا: هناك عذر في عدم الاستجابة لأنهم غير عقلاء.

قوله: {وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ} ، الضمير في قوله: (هم) يعود على (من) باعتبار المعنى؛ لأنهم جماعة، وضمير يستجيب يعود على (من) باعتبار اللفظ؛ لأنه مفرد، فأفرد الضمير باعتبار لفظ (من) ، وجمعه باعتبار لفظ (من) ، وجمعه باعتبار المعنى؛ لأن (من) تعود على الأصنام، وهي جماعة، و (من) قد يراعى لفظها ومعناها في كلام واحد.

ومنه قوله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا} [الطلاق: ١١] ؛ فهنا راعي اللفظ، ثم المعنى، ثم اللفظ.

قوله: {عَنْ دُعَائِهِمْ} ، الضمير في دعائهم يعود إلى المدعوين، وهل المعنى: (وهم) ؛ أي: الأصنام، {عَنْ دُعَائِهِمْ} ، أي: دعاء الداعين إياهم، فيكون من باب إضافة المصدر إلى مفعوله، أو المعنى: و (هم) عن دعاء العابدين لهم؛ فيكون (دعاء) مضافا إلى فاعله، والمفعول محذوف؟

<<  <  ج: ص:  >  >>