الأول أبلغ، أي عن دعاء العابدين إياهم أبلغ من دعاء العابدين على سبيل الإطلاق، فإذا قلت:{عَنْ دُعَائِهِمْ} ؛ أي: عن دعاء العابدين إياهم، وجعلت الضمير هنا يعود على المدعوين؛ صار المعنى أن هذه الأصنام غافلة عن دعوة هؤلاء إياهم، ويكون هذا أبلغ في أن هذه الأصنام لا تفيد شيئا في الدنيا ولا في الآخرة.
قوله:{وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ} ، أي: يوم القيامة، {كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً} ، هل المعنى: كان العابدون للمعبودين أعداء، أو كان المعبودون للعابدين أعداء؟
الجواب: يشمل المعنيين، وهذا من بلاغة القرآن.
الشاهد: قوله: {مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} ، فإذا كان من سوى الله لا يستجيب إلى يوم القيامة؛ فكيف يليق بك أن تستغيث به دون الله؟ ! فبطل تعلق هؤلاء العابدين بمعبوداتهم.
فالذي يأتي للبدوي أو للدسوقي في مصر، فيقول: المدد! المدد! أو: أغثني؛ لا يغني عنه شيئا، ولكن قد يبتلى فيأتيه المدد عند حصول هذا الشيء لا بهذا الشيء، وفرق بين ما يأتي بالشيء وما يأتي عند الشيء.
مثال ذلك: امرأة دعت البدوي أن تحمل، فلما جامعها زوجها حملت، وكانت سابقا لا تحمل؛ فنقول هنا: إن الحمل لم يحصل بدعاء البدوي، وإنما حصل عنده لقوله تعالى:{مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} .
أو يأتي للجيلاني في العراق، أو ابن عربي في سوريا، فيستغيث به؛ فإنه لا ينتفع، ولو بقي الواحد منهم إلى يوم القيامة يدعو ما أجابه أحد.
والعجب أنهم في العراق يقولون: عندنا الحسين، فيطوفون بقبره ويسألونه، وفي مصر كذلك، وفي سوريا كذلك، وهذا سفه في العقول،