صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سيد المرسلين، وأصحابه سادت الأولياء، ومع هذا ما أنقذوا أنفسهم؛ فكيف ينقذون غيرهم؟ وليس مراده رحمه الله مجرد إثبات القنوت والتأمين عليه؛ ولهذا جاءت العبارات بسيد وسادات؛ فلا أحد من هذه الأمة أقرب إلى الله من الرسول وأصحابه، ومع ذلك يلجئون إلى الله سبحانه في كشف الكربات، ومن كانت هذه حاله؛ فكيف يمكن أن يلجأ إليه في كشف الكربات؟ فليس مراد المؤلف إثبات مسألة فقهية.
الرابعة: أن المدعو عليهم كفار، تؤخذ من قوله تعالى:{أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} ؛ فهذا دليل على أنهم الآن ليسوا على حال مرضية، ومن المعلوم أن صفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام وقت الدعاء عليهم كانوا كفارا.
وهذه المسألة -أي أن المدعو عليهم كفار- ترمي إلى أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإن كان يرى أنه دعا عليهم بحق؛ فقد قطع الله -سبحانه وتعالى- أن يكون له من الأمر شيء؛ لأنه قد يقول قائل: إذا كانوا كفارا؛ أليس يملك الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يدعو عليهم؟
نقول: حتى في هذه الحال لا يملك من أمرهم شيئا، هذا وجه قول المؤلف أن المدعو عليهم كفار، وليس مراده الإعلام بكفرهم؛ لأن هذا معلوم لا يستحق أن يعنون له، بل المراد في هذه الحال الذي كان هؤلاء كفارا لم يملك النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شيئا بالنسبة إليهم.