الثالثة عشرة: قوله للأبعد والأقرب: «لا أغني عنك من الله شيئا» ، حتى قال:«يا فاطمة بنت محمد، لا أغني عنك من الله شيئا» . فإذا صرح وهو سيد المرسلين بأنه لا يغني شيئا عن سيدة نساء العالمين، وآمن الإنسان بأنه لا يقول إلا الحق، ثم نظر فيما وقع في قلوب خواص الناس اليوم؛ تبين له ترك التوحيد وغربة الدين.
ــ
وقول:" وكذلك لو يفعله مسلم الآن "، أي لو أن إنسانا جمع الناس، ثم قام يحذرهم كتحذير النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لقالوا: مجنون، إلا إذا كان معتادا عند الناس، قال تعالى:{وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}[آل عمران: ١٤٠] ، وقال تعالى:{يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ}[النور: ٤٤] ؛ فهذا يختلف باختلاف البلاد والزمان، ثم إنه يجب على الإنسان أن يبذل جهده واجتهاده في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قام بهذا الأمر ولم يبال بما رمي به من الجنون.
الثالثة عشرة: قوله للأبعد والأقرب: «لا أغني عنك من الله شيئا» ، صدق رحمه الله فيما قال؛ فإنه إذا كان هذا القائل سيد المرسلين، وقاله لسيدة نساء العالمين، ثم نحن نؤمن أن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يقول إلا الحق، وأنه لا يغني عن ابنته شيئا؛ تبين لنا الآن أن ما يفعله خواص الناس ترك للتوحيد؛ لأنه يوجد أناس خواص يرون أنفسهم علماء، ويراهم من حولهم علماء وأهلا للتقليد، يدعون الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكشف الضر وجلب النفع دعوة صريحة، ويرددون:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم
وغير ذلك من الشرك، وإذا أنكر عليهم ذلك ردوا إلى المنكر بأنه لا