«ينصرانه أو يمجسانه» ، وذلك لما بينهما من الصحبة والاختلاط، وكذلك روي عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسند لا بأس به:«المرء على دين خليله؛ فلينظر أحدكم من يخالل»(١) ؛ فالمهم أنه يجب على الإنسان أن يفكر في أصحابه: هل هم أصحاب سوء؟ فليبعد عنهم؛ لأنهم أشد عداء من الجرب، أو هم أصحاب خير: يأمرونه بالمعروف، وينهونه عن المنكر، ويفتحون له أبواب الخير؛ فعليه بهم.
التاسعة: مضرة تعظيم الأسلاف والأكابر؛ لأن أبا طالب اختار أن يكون على ملة عبد المطلب حين ذكروه بأسلافه مع مخالفته لشريعة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وهذا ليس على إطلاقه؛ فتعظيمهم إن كانوا أهلا لذلك فلا يضر، بل هو خير؛ فأسلافنا من صدر هذه الأمة لا شك أن تعظيمهم وإنزالهم منازلهم خير لا ضرر فيه.
وإن كان تعظيم الأكابر لما هم عليه من العلم والسن؛ فليس فيه مضرة وإن كان تعظيمهم لما هم عليه من الباطل؛ فهو ضرر عظيم على دين المرء، فمثلا: من يعظم أبا جهل؛ لأنه سيد أهل الوادي، وكذلك عبد المطلب وغيره؛ فهو ضرر عليه، ولا يجوز أن يرى الإنسان في نفسه لهؤلاء أي قدر؛ لأنهم أعداء الله -عز وجل-، وكذلك لا يعظم الرؤساء من الكفار في زمانه؛ فإن
(١) مسند الإمام أحمد (٢/٣٠٣) ، والترمذي: كتاب الزهد / باب الرجل على دين خليله) ـ وقال: (حسن غريب) ـ، والحاكم (٤/١٨٨) ـ وقال: (صحيح ووافقه الذهبي) ـ.