للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحتمل أن يكون عاما للأمة كلها، ويكون المراد بالنفس هنا الجنس؛ أي: ليس من الجن ولا الملائكة، بل هو من جنسكم؛ كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [الأعراف: ١٨٩] .

وعلى الاحتمال الأول فيه إشكال؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث إلى جميع الناس من العرب والعجم.

ولكن يقال في الجواب: إنه خوطب العرب بهذا؛ لأن منة الله عليهم به أعظم من غيرهم، حيث كان منهم، وفي هذا تشريف لهم بلا ريب.

والاحتمال الثاني أولي؛ للعموم، ولقوله: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [آل عمران: ١٦٤] ، ولما كان المراد العرب، قال: مِنْهُمْ لا (من أنفسكم) ، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} ، وقال تعالى عن إبراهيم وإسماعيل: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ} ، وعلى هذا، فإذا جاءت (من أنفسهم) ؛ فالمراد: عموم الأمة، وإذا جاءت (منهم) ؛ فالمراد العرب؛ فعلى الاحتمال الثاني لا إشكال في الآية.

قوله (رسول) ، أي: من الله؛ كما قال الله تعالى: {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً} ، وفعول هنا بمعنى مفعل؛ أي: مرسل.

و (من أنفسكم) ، سبق الكلام فيها.

قوله: (عزيز) ، أي: صعب؛ لأن هذه المادة العين والزاي في اللغة العربية تدل على الصلابة، ومنه: (أرض عزاز) ؛ أي: صلبة قوية، والمعنى: أنه يصعب عليه ما يشق عليكم، ولهذا بعث بالحنيفية السمحة، وما خير بين شيئين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، وهذا من التيسير الذي بعث به الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>