للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصلاة من الله على رسوله ليس معناها كما قال بعض أهل العلم: إن الصلاة من الله الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن الآدميين الدعاء.

فهذا ليس بصحيح، بل إن الصلاة على المرء ثناؤه عليه في الملأ الأعلى، كما قال أبو العالية وتبعه على ذلك المحققون من أهل العلم.

ويدل على بطلان القول الأول قوله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: ١٥٧] ؛ فعطف الرحمة على الصلوات، والأصل في العطف المغايرة، لأن الرحمة تكون لكل أحد، ولهذا اجمع العلماء على أنه يجوز أن تقول: فلان رحمه الله، واختلفوا: هل يجوز أن تقول: فلان صلى الله عليه؟

فمن صلى على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرة أثنى الله عليه في الملأ الأعلى عشر مرات، وهذه نعمة كبيرة.

قوله: «فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم» ، حيث: ظرف مبني على الضم في محل نصب، ويقال فيها: حيث، وحوث، وحاث، لكنها قليلة.

كيف تبلغه الصلاة عليه؟

الجواب: نقول: إذا جاء مثل هذا النص وهو من أمور الغيب؛ فالواجب أن يقال: الكيف مجهول لا نعلم بأي وسيلة تبلغه، لكن ورد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أن لله ملائكة سياحين يسيحون في الأرض يبلغون النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سلام أمته عليه» (١) ، فإن صح؛ فهذه هي الكيفية.


(١) النسائي: كتاب السهو / باب السلام على النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن القيم في (جلاء الأفهام) (ص٢٣) : (وهذا إسناد صحيح) .

<<  <  ج: ص:  >  >>