قوله:(رواه أبو داود بإسناد حسن، ورواته ثقات) ، هذا التعبير من الناحية الاصطلاحية، ظاهره أن بينهما اختلافا، ولكننا نعرف أن الحسن: هو أن يكون الراوي خفيف الضبط؛ فمعناه أن فيه نوعا من الثقة، فيجمع بين كلام المؤلف - رحمه الله - وبين ما ذكره عن رواية أبي داود بإسناد حسن: أن المراد بالثقة ليس غاية الثقة؛ لأنه لو بلغ إلى حد الثقة الغاية لكان صحيحا؛ لأن ثقة الراوي تعود على تحقيق الوصفين فيه، وهما: العدالة والضبط، فإذا خف الضبط خفت الثقة، كما إذا خفت العدالة أيضا تخف الثقة فيه.
فيجمع بينهما على أن المراد: مطلق الثقة، ولكنه لا شك فيما أرى أنه إذا أعقب قوله:(حسن) بقوله: (رواته ثقات) أنه أعلى مما لو اقتصر على لفظ: (حسن) .
ومثل هذا ما يعبر به ابن حجر في (تقريب التهذيب) بقوله: (صدوق يهم) ، وأحيانا يقول:(صدوق) ، وصدوق أقوى؛ فيكون توثيق الرجل الموصوف بصدوق أشد من توثيق الرجل الذي يوصف بأنه يهم.
لا يقول قائل: إن كلمة يهم لا تزيده ضعفا؛ لأنه ما من إنسان إلا ويهم.
فنقول: هذا لا يصح؛ لأن قولهم:(يهم) لا يعنون به الوهم الذي لا
(١) مسند الإمام أحمد (٢/٣٦٧) ، وسنن أبي داود: كتاب المناسك / باب زيارة القبور، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في (اقتضاء الصراط المستقيم) : إسناده حسن،وقال النووي (إسناده صحيح) .