«إني إذا قضيت قضاء؛ فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة بعامة، وأن لا أسلط عليهم من بأقطارهم، حتى يكون بعضهم يهلك بعضا، ويسبي بعضهم بعضا» .
ــ
٢ - قضاء كوني لا يرد، ولا بد أن ينفذ.
وكلا القضاءين قضاء بالحق، وقد جمعهما قوله تعالى:{وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ}[غافر: ٢٠] .
ومثال القضاء الشرعي: قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}[الإسراء: ٢٣] ؛ لأنه لو كان كونيا؛ لكان كل الناس لا يعبدون إلا الله.
ومثال القضاء الكوني: قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا}[الإسراء: ٤] ؛ لأن الله تعالى لا يقضي شرعا بالفساد، لكنه يقضي به كونا وإن كان يكرهه سبحانه؛ فإن الله لا يحب الفساد ولا المفسدين، لكنه يقضي بذلك لحكمة بالغة، كما قسم خلقه إلى مؤمنين وكافرين؛ لما يترتب على ذلك من المصالح العظيمة.
والمراد بالقضاء في هذا الحديث: القضاء الكوني؛ فلا أحد يستطيع رده مهما كان من الكفر والفسوق؛ فقضاء الله نافذ على أكبر الناس عتوا واستكبارا، فقد نفذ على فرعون وأغرق بالماء الذي كان يفتخر به، وعلى طواغيت بني آدم فأهلكهم الله ودمرهم.