(ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم) ، ثم قال:«المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب» ، وأمثلة هذا كثيرة، وإن قلنا بدلالة حديث أبي هريرة في الباب على الحصر لكونه وقع بـ (أل) المعرفة؛ فإنه حصرها؛ لأن هذه أعظم الكبائر.
قوله:(قالوا: يا رسول الله! وما هن؟) .
كان الصحابة رضي الله عنهم أحرص الناس على العلم، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا ألقى الشيء مبهما طلبوا تفسيره وتبيينه، فلما حذرهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من السبع الموبقات قالوا ذلك لأجل أن يجتنبوهن، فأخبرهم، وعلى هذه القاعدة (أن الصحابة رضي الله عنهم أحرص الناس على العلم) ، لكن ما كانت الحكمة في إخفائه؛ فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يخبرهم؛ كقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«إن لله تسعة وتسعين اسما، من أحصاها دخل الجنة» ، ولم يرد تبيينها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث صحيح.
وقد حاول بعض الناس أن يصحح حديث سرد الأسماء التسعة والتسعين، ولم يصب، بل نقل شيخ الإسلام اتفاق أهل المعرفة في الحديث على أن عدها وسردها لا يصح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، (١) وصدق رحمه الله بدليل الاختلاف الكبير فيها.
فمن حاول تصحيح هذا الحديث؛ قال: إن الثواب عظيم، «من أحصاها»
(١) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (الفتاوى) (٦/٣٨٢) : (تعيينها ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم باتفاق أهل المعرفة بحديثه) .