للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«دخل الجنة» ؛ فلا يمكن للصحابة أن يفوتوه، فلا يسألوا عن تعيينها فدل هذا على أنها قد عينت من قبل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

لكن يجاب عن ذلك بأنه ليس بلازم، ولو عينها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لكانت هذه الأسماء التسع والتسعين معلومة للعالم أشد من علم الشمس، ولنقلت في (الصحيحين) وغيرهما؛ لأن هذا مما تدعو الحاجة إليه، وتلح بحفظه والعناية به؛ فكيف لا يأتي إلا عن طريق واهية وعلى صور مختلفة؟ !

فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يبينها لحكمة بالغة، وهي أن يطلبها الناس ويتحروها في كتاب الله وسنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حتى يعلم الحريص من غير الحريص.

كما ولم يبين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ساعة الإجابة يوم الجمعة، والعلماء اختلفوا في حديث أبي موسى الذي في مسلم؛ حيث قال فيه: (إنها ما بين أن يخرج الإمام إلى أن تقضى الصلاة) ؛ فإن بعضهم صححه وبعضهم ضعفه، لكن هو عندي صحيح؛ لأن علة التضعيف فيه واهية، والحال تؤيد صحته؛ لأن الناس مجتمعون أكبر اجتماع في البلد على صلاة مفروضة؛ فيكون هذا الوقت في هذه الحال حريا بإجابة الدعاء، وكذلك ليلة القدر لم يبينها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع أنها من أهم ما يكون.

وقوله: (الموبقات) ؛ أي: المهلكات، قال تعالى: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا} [الكهف: ٥٢] ؛ أي: مكان هلاك.

قوله: (قالوا: يا رسول الله! وما هن؟) . سألوا عن تبيينها، وبه تتبين الفائدة من الإجمال، وهي أن يتطلع المخاطب لبيان هذا المجمل؛ لأنه إذا جاء مبينا من أول وهلة؛ لم يمكن له التلقي والقبول كما إذا أجمل ثم بين.

<<  <  ج: ص:  >  >>