للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أن الخشية تكون بسبب عظمة المخشي، بخلاف الخوف؛ فقد يكون من ضعف الخائف لا من قوة المخوف.

قوله: {فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} . قال ابن عباس: " عسى من الله واجبة " (١) ، وجاءت بصيغة الترجي، لئلا يأخذ الإنسان الغرور بأنه حصل على هذا الوصف، وهذا كقوله تعالى: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: ٩٨- ٩٩] ، فالله لا يكلف نفسا إلا وسعها، فالذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا جديرون بالعفو.

الشاهد من الآية: قوله: {وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ} ، ولهذا قال تعالى: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} [المائدة: ٤٤] ، ومن علامات صدق الإيمان أن لا يخشى إلا الله في كل ما يقول ويفعل.

ومن أراد أن يصحح هذا المسير فليتأمل قول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك» . (٢)


(١) تفسير ابن كثير (٢/ ١٣٠)
(٢) الإمام احمد في (المسند) (١/ ٢٩٣) ، والترمذي (كتاب صفة القيامة، ٢٥١٦) ، وابن أبي عاصم في (السنة) (٢١٦) ، والاجري في (الشريعة) ص ١٩٧، والطبراني في (الكبير) (١٢٩٨٨) وأبي نعيم في (الحلية) (١/٣١٤) .

قال ابن رجب:أصح الطرق كلها طريق حنش الصنعاني التي أخرجها الترمذي) جامع العلوم والحكم (٣٦٠) ، وقال احمد شاكر: (إسناده صحيح) (المسند) (٢٦٦٩) ، وصححه اللباني في تعليقه على (السنة لابن أبي عاصم) (٣١٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>